أخبار

ثورة الشباب لم تكن انتفاضة جياع .. هي ثورة جيل

الشفيع خضر

اول أمس، 13 نوفمبر/تشرين الثاني، خرج شباب السودان في مواكب هادرة، بالتنظيم نفسه والأهداف ذاتها التي خرجوا لها يومي 21 و30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ضجت شوارع العاصمة وعشرات المدن السودانية بالهتاف محددا بدقة تلك الأهداف في هدفين فقط، الأول هو رفض محاولات قطع الطريق على مسيرة التحول الديمقراطي نحو المدنية والعودة إلى مربع القمع والكبت. أما الهدف الثاني فهو عودة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك لمباشرة مهامه، باعتبار هذه العودة هي المدخل الوحيد لتحقيق الهدف الأول، غض النظر عن أي تفاصيل أخرى يمكن بحثها بعد ذلك.

والملاحظ في كل حراكات الشارع هذه أن الذي يخطط لها وينظمها ويقودها هم القواعد في الأحياء وليس هيئات عليا أو قيادات حزبية، والملاحظ فيها أيضا اتسامها بالتنظيم الدقيق، وتقيدها الصارم بالسلمية، ومع ذلك تعرضت لإطلاق الرصاص الحي وسما عدد آخر من شهداء الوطن، كما أصيب العشرات بجروح بعضها خطير وحرج.

والسؤال الملح هنا: من هذا الذي يطلق الرصاص أو يأمر به؟ وعلى من يُطلَق الرصاص؟ على شباب الوطن وقوى الثورة الحقيقية؟ أم على عصابات الجريمة المنظمة؟ لقد سئم الناس ما ظلت تردده البيانات الرسمية عن أن بعض المتفلتين خرجوا عن السلمية فاضطرت القوات لإطلاق الرصاص عليهم. هذا حديث مكرر في كل العهود الذي تسترخص فيه السلطات دماء شبابها، ولم يعد يصدقه أحد. وهناك أكثر من طريقة، غير القتل بالرصاص، لكبح جماح هؤلاء المتفلتين، إن كان وجودهم فعلا حقيقة.

أحيانا، يخيل لي أن هناك في مواقع القيادة من يستخف بحراك هؤلاء الشباب، رغم إدراكه التام أنه لولا هؤلاء الشباب ودماؤهم التي سالت، لما كان هو في هذا الموقع. إن الاستخفاف والتجاهل لن يزيد هؤلاء الشباب إلا إصرارا وعزيمة. وهؤلاء الشباب عندما هبوا إلى الشوارع في ديسمبر/كانون الأول 2018، لم يخرجوا بقرار من هذا الحزب أو ذاك، وإنما خرجوا استجابة لتلك المخاضات التي شغلت كل السودانيين بعد عهود من الانتكاسات، والتي جاءت استجابة لدعوات وضرورات القطيعة الفكرية والسياسية مع كل التصورات والممارسات الخاطئة في المراحل السابقة وأفضت إلى الأزمة. وهم، وبمختلف شرائحهم الإجتماعية ومشاربهم الفكرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى