مقالات

فريق أول ركن حسن يحيى يكتب.. الاتفاق الإطاري تصميم خارجي وإخراج داخلي!

انتهت الفترة الأولى من الحوار بتوقيع الاتفاق الإطاري الذي نص في بنوده على إقصاء الجيش من المشهد السياسي بالرغم من أن الجيش هو صمام الأمان لوحدة السودان والضامن الوحيد لنجاح الفترة الانتقالية!.

 الاتفاق الإطاري صمم خارجياً لصالح قوى سياسية معينة يراد لها أن تتحكم في مصير البلاد وقرارها السياسي حتى تقوم بتنفيذ المخطط الدولي الذي يستهدف وحدة السودان. تم تكليف هذه القوى السياسية بإخراج الاتفاق داخلياً.

 قامت هذه القوى السياسية بوضع الاتفاق في رحم اللجنة التسييرية لنقابة المحامين غير الشرعية التي إنتهت فترتها الزمنية المحددة لها، أنكرت هذه اللجنة التسييرية علاقتها بالاتفاق كما صرح بذلك رئيسها وأمينها السياسي والمحامي يحيى الحسين عضو اللجنة الذي صرح علانية بأن هذا الاتفاق لم تتم مناقشته في الورشة التي عقدت بدار المحامين.

 كل هذا يؤكد أن الاتفاق الإطاري باطل لأن ما بني على باطل فهو باطل أيضاً. الإخراج للاتفاق الإطاري كان سيئاً حيث لم يسبقه إعلان سياسي وهذا خلل هيكلي كبير. أول من وصف الاتفاق بأنه يصلح أن يكون مخرجاً مناسباً للخروج من الأزمة السياسية الحالية هو فولكر كما رحبت أمريكا والدول الأوروبية والأمين العام للأمم المتحدة بالاتفاق قبل أن يطرح داخلياً.

 تم دفع الاتفاق الإطاري في سرية تامة على عجل لمجلس الأمن الدولي لإعتماده حتى يصبح ساري المفعول ولكن إعتراض الصين عطل ذلك. الإخراج السيئ للاتفاق الإطاري كشف حجم التأمر الدولي الذي تتعرض له البلاد بمشاركة بعض العملاء المحليين مما قاد لرفض شعبي واسع للاتفاق وقاد ذلك لضعف حماس القوى الخارجية الداعمة للاتفاق بعد أن تبين لها عدم قدرة القوى العميلة التابعة لها على إخراج الاتفاق وتنفيذه بإسلوب سلس ومن هنا تم البحث عن بديل آخر يحفظ للقوى الخارجية ماء وجهها فجاءت المبادرة المصرية.

الاتفاق الإطاري تضمن قضايا جوهرية عالقة تمثل قنابل مؤقوتة تنسف الاتفاق ولا يمكن تجاوزها خلال المرحلة الثانية للحوار قبل التوقيع النهائي على الاتفاق. الجدير بالذكر أن القضايا العالقة في اتفاقية نيفاشا لعام 2005م ما زالت عالقة الى يومنا هذا بل أصبحت قضايا منسية ومسكوت عنها، من القضايا العالقة التي تضمنها الاتفاق الإطاري إصلاح المؤسسة العسكرية وهذه القضية منقولة من الوثيقة الدستورية التي وقعت في 17 أغسطس 2019م لأن هذه الوثيقة نصت على أن ما يلي العسكريين للعسكريين وما يلي المدنيين للمدنيين ولهذا أعيدت في الاتفاق الإطاري حتى يتم تنفيذ عملية الإصلاح بعد أن أصبحت المؤسسة العسكرية تتبع رأساً لرئيس الدولة وهو رجل مدني غير منتخب يتم تعيينه بواسطة قوى الثورة وهذا لا يجوز شرعاً.

الاتفاق الإطاري حول المؤسسات الاستثمارية للجيش الى وزارة المالية وهذا لعب بالنار لا يمكن أن يقبله الضباط والجنود الذين أسسوا هذه المؤسسات من أموالهم الخاصة لرفع المعاناة عن كاهلهم لأن مرتبات الجيش غير مجزية وهي طاردة،  من القضايا العالقة المنقولة من الوثيقة الدستورية السابقة تفكيك النظام السابق والمقصود بذلك الجيش والأجهزة الأمنية والقضاء الذي أعاد المفصولين تعسفياً بواسطة لجنة التفكيك وأعاد بعض المؤسسات التي تمت مصادرتها لأصحابها، هذا تمكين سياسي لسلطة قحت على مفاصل الدولة ولبيس اصلاحا سياسيا.

 من القضايا العالقة اتفاقية سلام جوبا وهذا يمثل نقضاً للعهود والمواثيق وعودة للحرب مرة أخرى. من القضايا العالقة أيضاً العدالة الانتقالية التي نصت التسوية فيها على الحصانة وهذا ما يرفضه الشارع. أضيفت لهذه القضايا العالقة قضية شرق السودان بعد أن أعلن أهل الشرق أنهم سوف لا يقبلون باتفاق يتجاهل قضيتهم المركزية . الاتفاق الإطاري حول العملية السياسية من أقوال إلى أفعال. إغلاق وقفل الإتفاق أمام الراغبين في الانضمام إليه يقابله (حصار الخرطوم) وهذا تهديد خطبر للأمن القومي السوداني.

هنالك تحديات كبيرة تعوق تنفيذ الاتفاق الإطاري أهمها رفض الشارع الذي يقوده شباب الثورة الذي أقصته قحت من المشاركة في السلطة هذا بالإضافة الى رفض الحركات المسلحة له. الاتفاق الإطاري ثنائي وإقصائي ولا يمكن له معالجة الأزمة السياسية كما أنه أربك العملية السياسية. الاتفاق يرفضه الإسلاميون كما يرفضه ويعارضه حتى الذين وقعوا عليه. الاتفاق قاد الى انقسامات وإنشقاقات حادة داخل قوى الثورة. الاتفاق تعارضه الكتلة الديمقراطية والحزب الشيوعي ولجان المقاومة وتجمع المهنيين وحز البعث العربي الإشتراكي والحزب الناصري والإدارة الأهلية والطرق الصوفية وقطاعات كبيرة من الشعب السوداني. الاتفاق الإطاري بدلاً من توحيد المدنيين قاد لانشقاقاتهم وتشظيهم!

البرهان بتمسكه بتوسيع دائرة المشاركة في العملية السياسية كسب الدعم السياسي الدولي وفضح المدنيين الذين ينتهجون سياسة الإقصاء وعدم القبول بالآخر فبرهن بذلك على أنه رجل المرحلة، البرهان وقع على الإطاري بإعتباره مدخلاً يقود لحوار سياسي شامل يتمخض عنه وفاق وطني ومصالحة سياسية شاملة تخرج البلاد من أزمتها السياسية، قحت خوفا من الشارع تتفاوض وتتشاور سرا مع البرهان في تعيين السلطة السيادية والتنفيذية وتوقع معه اتفاقا اطاريا يشمل (الحصانة) وكل هذا يمثل اعترافا سياسيا صريحا وواضحا بأن البرهان لاعب سياسي اساسي في المشهد السياسي ومع كل ذلك فهي تعلن جهرا بأنها سوف تقصيه من المشهد السياسي وتقدمه للمحاكمة .هل هنالك خداع ونفاق سياسي أكثر من ذلك؟!.

 قحت بمواقفها الانتهازية فقدت الدعم والسند الداخلي والخارجي واصبحت كالجمل الاجرب الذي يفر منه كل من حوله، خلاصة القول: الفترة الانتقالية مؤقتة وعمرها قصير ولا تحتاج لحاضنة سياسية، الاتفاق الإطاري اربك العملية السياسية وحول السودان الى مسرح للتدخلات الخارجية، البرهان قدم أخر فرصة للمدنيين لاستلام السلطة ولكنهم لم يغتنموها!! ختاماً: المطلوب الآن من البرهان المبادرة بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة لتسليم السلطة للحكومة المدنية المنتخبة.وبالله التوفيق.

فريق أول ركن حسن يحيى محمد أحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى