Site icon سودا ميديا – SudaMedia

ترزية السودان.. لـ”قوانزو” و”القوقو” الف ضحية

الخرطوم:)سوداميديا)- محمد عبدالباقي

لا أحد تقريباً، يستطيع تحديد تاريخ معين لظهور ماكينات خياطة الملابس في السودان، لكن الراجح أنها دخلت في الفترة بين نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات من القرن الماضي، بحسب إفادة أحد أشهر الخياطين (الترزية) بالخرطوم، ويدعى على عبدالله البدوي، ومذ ذلك التاريخ ظهرت للعلن مهنة عرفت لدى السوادنيين بـ(الترزية)، بدأت بعد قرن كامل من الازدهار، تضمحل بصورة لافتة.

يقول عبدالله الذي ظل يعمل ترزياً لأكثر من أربعين عاماً في غرفة صغيرة بالطابق الثالث في عمارة الضرائب القديمة الواقعة وسط الخرطوم، عند تقاطع شارع الحرية مع شارع الشهيد عبدالسلام كشة (البلدية سابقاً): “مهنة الخياطة بدأت في السودان على أيدي النساء، ولاحقاً احترفها الرجال، وكان عصرها الذهبي هو ما بين الخمسينيات والسبعينيات من القرن الماضي، حيث صار لها صيت واسع”، ويضيف، على: “كانت محلات الترزية عبارة عن مدارس، تعج بالتلاميذ والُمتدربين من جميع الأعمار، لأنها من المهن التي يتم تعلمها بالنقل؛ ولذلك من الضرورة لكل مبتدئي صغير، أن يتعلمها على يد ترزي كبير، حتى شاع أن لكل ترزي استاذ تعلم على يديه، أو شيخ طبقاً لوصف السودانيين”.

لكن المهنة الآن تمضي الى تلاشي بعد فتح الاستيراد دونما رقابة فظهرت ملابس مايعرف بالقوقو وهي الملابس المستخدمة والتي تدخل البلاد بسعر رخيصة الى جانب الملابس المستوردة من قوانزو الصينية والتي هي أيضا رغم تدني جودتها لكن أسعارها رخيصة مما جعل الراغبيين في التفصيل فئة قليلة جدا وهم من أصحاب الدخول المتوسطة والعالية وهذا مضاف اليه التطور الكبير الذي شهدته صناعة الملابس الجاهزة، وخاصة المستوردة، بدأت حرفة الترزية في تراجع مستمر، وتلاشى أثر التلاميذ الذين كانوا يتواجدون باستمرار في محلات الترزية من أجل التعلُم، واكتساب الخبرات، وقل عدد الترزية أنفسهم، لأنه كلما فقدت المهنة أحد محترفيها لا تجد من يسد خانته، مما ينبأ بنهاية وشيكة لهذه الحرفة العريقة، حسب ما يقول علي عبد الله البدوي.

على أنقاض حرفة الترزية التي بدأت تتهاوى تحت ضربات عوامل عديدة، ظهرت أكاديميات تهتم بالخياطة، وتعمل على تدريب الراغبين من الجنسين، لكن في قالب عصري؛ يتمثل في تطريز الثياب، والملايات، والستائر، والتطعيم بالخرز، وكذلك التدريب على تصميم أنواع جديدة من الأزياء. وتبعاً لما استجد في عالم الترزية شهدت العاصمة الخرطوم خلال الثلاثة أعوام الماضية، أكثر من عرض للأزياء.

Exit mobile version